کد مطلب:168209 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:125

بعض تفاصیل الحملة الاولی
یظهر من المتون التأریخیة أنّ الحملة الاولی كان قد شنّها جیش عمر بن سعد علی جیش الامام (ع) عقیب المبارزة التی قتل فیها عبداللّه بن عمیر الكلبی (رض) كُلاًّ من یسار مولی زیاد بن أبیه، وسالم مولی عبیداللّه بن زیاد، یروی الطبری بدایة الحملة الاولی فیقول: (وحمل عمرو بن الحجّاج [1] وهو علی میمنة الناس فی المیمنة، [2] فلمّا أن دنا من حسین جثوا علی الرُكَبِ وأشرعوا الرماح نحوهم، فلم تقدم خیلهم علی الرماح،فذهبت الخیل لترجع، فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالاً وجرحوا منهم آخرین..). [3]

وروی الطبری عمّن سمع عمرو بن الحجّاج حین دنا من أصحاب الحسین (ع) أنّه كان یقول: (یا أهل الكوفة! الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا فی قتل من مرَقَ من الدین وخالف الامام!!

فقال له الحسین: یا عمرو بن الحجّاج! أعلیَّ تِحرّض الناس!؟ أنحن مرقنا


وأنتم ثبتم علیه!؟ أما واللّه لتعلمُنَّ لو قد قُبضت أرواحكم ومِتُّمُ علی أعمالكم أیّنا مرق من الدین، ومن هو أولی بصلی النّار!؟...).

ثُمَّ إنَّ عمرو بن الحجّاج حمل علی الحسین فی میمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضطربوا ساعة، فصُرع مسلم بن عوسجة الاسدی، أوّل أصحاب الحسین، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه، وارتفعت الغبرة فإذا هم به صریع، فمشی إلیه الحسین فإذا به رمق، فقال: رحمك ربّك یا مسلم بن عوسجة! منهم من قضی نحبه ومنهم من ینتظر وما بدّلوا تبدیلا!

ودنا منه حبیب بن مظاهر فقال: عزَّ علیَّ مصرعك یا مسلم! أبشر بالجنّة!

فقال له مسلم قولاً ضعیفاً: بشّرك اللّه بخیر.

فقال له حبیب: لولا أنّی أعلم أنّی فی أثرك لاحقٌ بك من ساعتی هذه لاحببتُ أن توصینی بكلّ ما أهمَّك، حتی أحفظك فی كلّ ذلك بما أنت أهل له فی القرابة والدین.

قال: بل أنا أوصیك بهذا رحمك اللّه وأهوی بیده إلی الحسین أن تموت دونه!

قال: أفعلُ وربّ الكعبة!

قال فما كان بأسرع من أن مات بأیدیهم!

وصاحت جاریة له فقالت: یا ابن عوسجتاه یا سیّداه!

فتنادی أصحاب عمرو بن الحجّاج: قتلنا مسلم بن عوسجة!

فقال شبث لبعض مَن حوله مِن أصحابه: ثكلتكم أمّهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأیدیكم، وتذللّون أنفسكم لغیركم! تفرحون أن یُقتل مثل مسلم بن


عوسجة!؟ أما والذی أسلمتُ له، لرُبَّ موقف لهقد رأیته فی المسلمین كریم، لقد رأیته یوم سَلق آذربیجان قتل ستّة من المشركین قبل أن تتامّ خیول المسلمین!أفیُقتل منكم مثله وتفرحون!؟

قال وكان الذی قتل مسلم بن عوسجة: مسلم بن عبداللّه الضبّابی،وعبدالرحمن بن أبی خُشكارة البجلی...). [4] .

زیارة الناحیة المقدّسة تؤیّد أنّ مسلم بن عوسجة (رض) أوّل شهداء الحملة الاولی، أی أوّل شهداء الطفّ رضوان اللّه تعالی علیهم، فقد ورد فیها السلام علی مسلم ابن عوسجة هكذا:

(السلام علی مسلم بن عوسجة الاسدیّ،القائل للحسین وقد أذن له فی الانصراف: أنحن نخلّی عنك!؟ وبمَ نعتذرعند اللّه من أداء حقّك؟ لا واللّه حتی أكسر فی صدورهم رمحی هذا! وأضربهم بسیفی ما ثبت قائمه فی یدی! ولا أفارقك،ولو لم یكن معی سلاح أُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة! ولم


أفارقك حتی أموت معك! وكُنت أوّل من شری نفسه،وأوّل شهید شهد للّه وقضی نحبه، ففزتَ وربّ الكعبة، شكراللّه استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشی إلیك وأنت صریع فقال: یرحمك اللّه یا مسلم بن عوسجة. وقراء:(فمنهم من قضی نحبه ومنهم من ینتظر وما بدّلوا تبدیلا)، لعن اللّه المشتركین فی قتلك: عبداللّه الضبّابی، وعبداللّه بن خُشكارةَ البجلی، ومسلم بن عبداللّه الضبّابی.). [5]


[1] مرّت بنا ترجمة موجزة لعمرو بن الحجّاج لعنه الله في الجزء الثاني من هذه الدراسة (مع الركب الحسيني من المدينة الي المدينة) في ص 343 منه، و نضيف إليها هنا ما يتعلّق بنهاية هذا الظالم الآثم: يقول الدينوري: «وهرب عمرو بن الحجّاج وكان من رؤساء قتله الحسين يريد البصرة، فخاف الشماتة، فعدل الي سراف فقال له أهل الماء: إرحل عنّا، فإنّا لا نأمن المختار. فارتحل عنهم، فتلاوموا و قالوا: قد أسأنا! فركبت جماعة منهم في طلبة ليردّوه، فلمّا رآهم من بعيد ظنّ أنهم من اصحاب المختار، فسلك الرّمل في مكان يدعي «البييضة» و ذلك في حمّارة القيظ، و هي فيما بين بلاد كلب وبلاد طي، فقال فيها فقتله ومن معه العطش». (الأخبار الطوال: 303).

[2] أي في ميمنة جيش عمربن سعد، والظاهرأن الاصل ان تهجم الميمنة علي ميسرة الجيش المقابل، لأنها تكون المقابلة لها.

[3] تاريخ الطبري:3:323 و انظر: الارشاد:2:102.

[4] تاريخ الطبري: 326:3 وانظر: الإرشاد: 2:103-104 والمنتظم لابن الجوزي: 339:5 و البداية و النهاية لابن كثير: 182:8 وجواهر المطالب للباعوني:286:2 - وأمّا ما ورد في مناقب ابن شهر آشوب: 101:4 «ثم برز مسلم بن عوسجة مرتجزاً:



إنْ تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد

من فرع قوم في ذري بني أسد



فمن بغانا حائدٌ عن الرشد

و كافر بدين جبّار صمد



وفي اللهوف: 161، «ثم خرج مسلم بن عوسجة فبالغ في قتال الاعداء، وصبر علي أهوال البلاء حتي سقط إلي الأرض وبه رمق، فمشي إليه الحسين عليه السلام...».

فلا دلالة فيه علي أنَّ مسلماً (رض) قتل مبارزة بعد الحملة الأولي، بل إنّ «ثمّ» الموجودة في بعض كتب التواريخ و المقاتل لاتدلَّ علي ترتيب وقائع الأحداث فعلاً، ولعلّ المتأمّل في سياقات كتاب اللهوف خاصة يري هذه الحقيقة واضحة.

[5] البحار:45:69-70.